واعتبر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد الجمعة، أن إقرار المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينت" خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاحتلال قطاع غزة بالكامل، يمثل "كارثة ستؤدي إلى عديد من الكوارث الأخرى".
وأشار لابيد في منشور على منصة "إكس"، إلى أن هذا القرار جاء "خلافاً تماماً لرأي الجيش ودوائر الأمن، ودون أي اعتبار لحالة الإنهاك والاستنزاف التي تعانيها القوات المقاتلة".
وأضاف أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش دفعا نتنياهو إلى هذه الخطوة التي "ستستمر أشهراً طويلة"، محذراً من أنها ستؤدي إلى "موت الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية، ومقتل عدد كبير من الجنود، وتكلفة مالية باهظة تصل إلى عشرات المليارات، وانهيار سياسي محتمل".
وزعم لابيد أن هذا السيناريو هو "بالضبط ما تريده حركة حماس، أن تغرق إسرائيل في حرب ميدانية بلا هدف محدد ولا رؤية لليوم التالي، في احتلال عديم الجدوى لا يعرف أحد إلى أين يقود".
وانتقد عضو الكنيست عن حزب "هناك مستقبل" المعارض، يوراي لاهاف هيرتسانو، القرار معتبراً أن الحكومة "تحكم بالموت على الأسرى الأحياء وتضحي بالأسرى والجنود لإرضاء وزيري الأمن القومي والمالية". ودعا في بيان عبر "إكس" إلى "وقف الحرب وإعادة الأسرى إلى بيوتهم فوراً".
وفي السياق ذاته، اعتبر رئيس حزب "الديمقراطيين" الإسرائيلي، يائير غولان، أن قرار احتلال غزة بالكامل يمثل "حكم إعدام للأسرى المحتجزين لدى حركة حماس"، ودعا إلى إسقاط حكومة نتنياهو، واصفا رئيس الوزراء بأنه "ضعيف ويخضع لضغوط المتطرفين الذين يسيطرون على الحكومة"، وفق منشور له عبر منصة "إكس".
وتواجه الخطة أيضاً معارضة من رئيس الأركان إيال زامير، الذي حذّر من المخاطر على "حياة الأسرى، واستنزاف الجنود وقوات الاحتياط، والإضرار بالشرعية الدولية لإسرائيل".
كما عارضها زعيم حزب "شاس" اليميني المتطرف، عضو الكابينت والوزير دون حقيبة أرييه درعي، واصفا إياها بأنها "مضرة سياسياً وخطيرة على الأسرى".
تحشيد قرب غزة وتجنب مصطلح "الاحتلال"
من جهة أخرى أظهرت صور أقمار صناعية نشرتها قناة "إن بي سي" الأمريكية تحشيد جيش الاحتلال الإسرائيلي لقواته ومعداته قرب الحدود مع القطاع، تمهيداً لعملية واسعة مرتقبة. فيما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين أن السيطرة الكاملة على غزة قد تستغرق خمس سنوات من القتال.
وفي السياق، تجنب المجلس الوزاري الأمني المصغر "الكابينت" استخدام مصطلح "احتلال" في قراره الأخير بشأن قطاع غزة، واستبدله بـ"السيطرة"، وفق مصادر سياسية إسرائيلية نقلتها صحيفة "يديعوت أحرونوت". وأكدت المصادر أن ذلك جاء بهدف التنصل من المسؤولية المباشرة عن حماية المدنيين الفلسطينيين بموجب القانون الدولي.
وتحذر الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقيات جنيف من أن الاعتراف بالاحتلال يفرض على القوة القائمة عليه واجبات قانونية شاملة تجاه السكان المدنيين، بما في ذلك توفير الخدمات، وضمان النظام، وتحمل المسؤولية عن الانتهاكات، ما قد يفتح الباب أمام محاسبة دولية أو دعاوى في المحكمة الجنائية الدولية.
وفجر الجمعة أصدر مكتب نتنياهو بياناً زعم فيه أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستعد لاحتلال ما تبقى من مدينة غزة. وادعى البيان أن "الكابينت" اعتمد بأغلبية الأصوات خمسة مبادئ لإنهاء الحرب، تشمل "نزع سلاح حركة حماس، وإعادة جميع الأسرى الأحياء والأموات، ونزع السلاح من القطاع، والسيطرة الأمنية عليه، وإقامة إدارة مدنية بديلة بعيداً عن حماس والسلطة الفلسطينية".
وكان نتنياهو قد عرض مساء الخميس خلال اجتماع "الكابينت" خطة "تدريجية" لاحتلال قطاع غزة، رغم معارضة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية التي حذرت من مخاطرها على حياة الأسرى والجنود، وفقاً لوسائل إعلام عبرية.
وتنص الخطة، حسب المصادر، على بدء جيش الاحتلال الإسرائيلي التحرك نحو مناطق لم يدخلها سابقاً بهدف احتلالها وسط القطاع ومدينة غزة، ووفقا للطرح، تبدأ الخطة بتهجير الفلسطينيين من مدينة غزة نحو الجنوب، يتبعها تطويق المدينة، ثم تنفيذ عمليات توغل إضافية في مراكز التجمعات السكنية.
خلال العمليات الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، احتل جيش الاحتلال الإسرائيلي كامل مدينة غزة ما عدا مناطق صغيرة للغاية، مكث فيها عدة أشهر قبل أن يتراجع في أبريل/نيسان 2024 بعد إعلان تدمير البنية التحتية لحماس في المدينة.
ومن بين المناطق التي لم تحتلها القوات الإسرائيلية برياً أجزاء من مدينة دير البلح ومخيمات المحافظة الوسطى، رغم تعرضها لقصف جوي ومدفعي مكثف، بحسب مسؤولين فلسطينيين. وتشكل هذه المناطق نحو 10-15% من مساحة القطاع، وفق تقارير إعلامية.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة 61 ألفاً و258 شهيداً و152 ألفاً و45 مصاباً من الفلسطينيين وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.