جاء ذلك، اليوم الاثنين، في بيان مشترك صدر عن مركز "عدالة" ومؤسسة "ميزان"، وكلاهما حقوقي في الداخل الفلسطيني، وهي التسمية التي تُطلق على المناطق العربية داخل إسرائيل.
وقال البيان: "أصدرت محكمة الصلح في الناصرة، الاثنين، قراراً يُدين الشيخ كمال الخطيب على خلفية لائحة الاتهام التي قدّمتها النيابة العامة، والتي استندت إلى منشورين على فيسبوك، وخطبة ألقاها خلال فاعلية للجنة المتابعة العليا في سياق أحداث هبة مايو/أيار 2021".
وفي مايو/أيار 2021، شهدت المدن والبلدات العربية في الداخل الفلسطيني، مواجهات عنيفة بين المواطنين من جهة والشرطة واليمينيين الإسرائيليين من جهة أخرى بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على حي الشيخ جراح، والمسجد الأقصى، وقطاع غزة.
وأضاف البيان: "اعتبرت المحكمة أن مضمون المنشورات والخطبة يشكّلان دعماً لمنظمات إرهابية وتحريضاً على العنف، رغم تأكيد طاقم الدفاع أن ما ورد فيها يقع ضمن نطاق الخطاب السياسي والديني المشروع والمكفول دستورياً".
وتابع: "رفضت المحكمة الحجج التي قدّمتها هيئة الدفاع، بالرغم من أنها شددت في عدّة مواضع أن التعبير عن المواقف السياسية، وخاصة فيما يتعلق بالاعتداءات على المسجد الأقصى، لا يرقى بأي حال إلى مستوى الجريمة الجنائية".
وشدد المركزان أن "قرار الإدانة جاء رغم تقديم سلسلة من شهادات الخبراء التي دعمت موقف الدفاع، (...) إذ أكّد جميعها أن أقوال الشيخ كمال تأتي في إطار مشروع، وتعكس خطاباً عاماً متداولاً في أوساط المجتمع الفلسطيني في الداخل".
وأشار البيان إلى أن جلسات المحاكمة "امتدّت لأكثر من أربع سنوات، وشهدت مرافعات مطوّلة من طاقم الدفاع، الذين أكدوا أن لائحة الاتهام باطلة سياسياً وقانونياً، وأنها تستند إلى قراءة انتقائية ومنحازة لأقوال الشيخ"، ولفت إلى أن طاقم الدفاع شددوا على أن "المحاكمة تأتي ضمن سياق أوسع من الاستهداف السياسي لقيادات الداخل الفلسطيني، ولا سيما في أعقاب هبة الكرامة (مايو/أيار 2021)".
وعد إدانة الشيخ كمال الخطيب "شرعنة قضائية خطيرة للملاحقة السياسية، وتصعيداً في استخدام القضاء أداةً لتجريم الخطاب الفلسطيني الوطني والديني"، واستكمل منتقداً القرار، إنه "لا يستند إلى أي مبدأ قانوني سليم، بل يستند إلى قراءة سياسية منحازة تهدف إلى كمّ الأفواه وتخويف القيادات".
واعتبر البيان أن قرار الإدانة "يمس الحق في الاحتجاج، وبحق المجتمع الفلسطيني في الداخل في التعبير عن قضاياه وهمومه من دون خوف من الملاحقة الجنائية."
ووفقاً لاتهامات المحكمة، فإن الشيخ الخطيب نشر المنشور الأول على منصة فيسبوك في تاريخ 19 أبريل/نيسان 2021 وجاء في سياق الاعتداءات التي نفذتها الشرطة على شخصيات معروفة في مدينة يافا.
وقد تضمن المنشور، بحسب الاتهامات، تنديداً بالعنف الممنهج الذي تمارسه الشرطة بحق الناشطين، وتسليطاً للضوء على الاعتداءات التي استهدفت القيادات المحلية.
أمّا المنشور الثاني فنُشر على منصة فيسبوك، يوم 25 أبريل/نيسان 2021 احتوى على تحليل تاريخي وسياسي حذّر فيه الشيخ من أن التحريض المتصاعد، والانتهاكات الممنهجة بحق الفلسطينيين، واقتحامات المسجد الأقصى المتكررة، قد تخلق مناخاً يعيد إلى الأذهان ثورة البراق من عام 1929، وما رافقها من سقوط ضحايا بين العرب واليهود نتيجة التوترات التي غذّتها جهات متطرفة.
وحمّل الشيخ في منشوره المؤسسة الإسرائيلية المسؤولية عن تهيئة الأجواء لتكرار هذا السيناريو العنيف، محذراً من النتائج الكارثية لمثل هذا المسار.
وشملت لائحة الاتهام أيضاً خطبة ألقاها الشيخ الخطيب خلال فاعلية نظّمتها لجنة المتابعة العليا في تاريخ 11 مايو/أيار 2021، حيّ خلالها جموع المصلين الذين توافدوا إلى المسجد الأقصى للاعتكاف والصلاة، في محاولة لحمايته من اقتحامات الشرطة والمستوطنين، وبارك جهودهم ومواقفهم.