كلام عون جاء خلال لقائه بالعاصمة اللبنانية، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، مع وفد ضم مسؤولين ومستشارين وسفير طهران لدى بيروت، وفق بيان للرئاسة اللبنانية.
وقال عون إن "لبنان راغب في التعاون مع إيران ضمن حدود السيادة والصداقة القائمين على الاحترام المتبادل"، لكنه اعتبر أن "اللغة التي سمعها لبنان في الفترة الأخيرة من بعض المسؤولين الإيرانيين غير مساعدة"، من دون إيضاحات.
وأضاف أن "الصداقة التي نريد أن تجمع بين لبنان وإيران لا يجب أن تكون من خلال طائفة واحدة أو مكوّن لبناني واحد، بل مع جميع اللبنانيين"، وتابع "لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، مسيحيين كانوا أم مسلمين، والدولة اللبنانية مسؤولة من خلال مؤسساتها الدستورية والأمنية عن حماية المكونات اللبنانية" كافة.
ومضى عون قائلاً: "نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة، ونريد أن تبقى الساحة اللبنانية آمنة ومستقرة لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين من دون تمييز"، واستطرد أن "لبنان الذي لا يتدخل مطلقاً بشؤون أي دولة أخرى ويحترم خصوصياتها ومنها إيران، لا يرضى أن يتدخل أحد في شؤونه الداخلية".
وأردف: "دفع الجميع ثمناً غالياً للاستقواء بالخارج على اللبناني الآخر في الداخل، والعبرة التي يستخلصها اللبنانيون هي أنه من غير المسموح لأي جهة كانت، ومن دون أي استثناء، حمل السلاح والاستقواء بالخارج".
ومنذ انتهاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تتعرض بيروت لضغوط شديدة، ولا سيما من الولايات المتحدة حليفة إسرائيل، لنزع سلاح "حزب الله".
والخميس الماضي، أقر مجلس الوزراء اللبناني "حصر السلاح" (بما فيه سلاح "حزب الله") بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطة خلال أغسطس/آب الجاري وتنفيذها قبل نهاية عام 2025.
واعتبر "حزب الله" أن الحكومة ارتكبت "خطيئة كبرى" بهذا القرار وسيعتبره "غير موجود"، بينما قالت "حركة أمل"، بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري، إنه كان حرياً بالحكومة "ألا تستعجل" تقديم مزيد من "التنازلات المجانية للعدو الإسرائيلي باتفاقات جديدة".
عون شدّد، خلال لقائه لاريجاني، على أن "الدولة اللبنانية وقواها المسلحة مسؤولة عن أمن جميع اللبنانيين من دون أي استثناء"، وزاد أن "أي تحديات تأتي من العدو الإسرائيلي أو من غيره، هي تحديات لجميع اللبنانيين، وليس لفريق منهم فقط، وأهم سلاح لمواجهتها هو وحدة اللبنانيين".
وفي تحدٍّ لاتفاق وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل احتلال 5 تلال لبنانية في الجنوب استولت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق أخرى تحتلها منذ عقود.
“مساعدة لبنان”
من جهته، جدّد لاريجاني دعوة عون إلى زيارة طهران، والإعراب عن "الرغبة في مساعدة لبنان في مجال إعادة الإعمار"، وقال: إن "إيران ترغب في تعزيز علاقاتها مع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني على الصعد" كافة، بحسب البيان.
وأشاد بـ"الدور الذي يلعبه الرئيس عون في تمتين الوحدة الوطنية وتوحيد الصفوف داخل الطوائف اللبنانية كافة، ومع جميع مكونات الشعب اللبناني"، وتابع: "إيران لا تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، وما أدليت به لدى وصولي إلى بيروت يعكس وجهة النظر الرسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية".
وأردف: "إيران لا ترغب في حصول أي ذرة خلل في الصداقة أو العلاقات مع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني، وراغبة في مساعدة لبنان إذا ما رغبت الحكومة اللبنانية في ذلك".
"الحوار الودي"
وخلال مؤتمر صحفي ببيروت، بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال لاريجاني: "نحن مؤمنون أنّه من خلال الحوار الودي والشامل والجاد في لبنان يُمكن لهذا البلد الخروج بقرارات صائبة".
وأكد لاريجاني أن " وحدة لبنان ونجاحه في الإنجازات والتطوّر والازدهار أمر مهمّ، وسياسة إيران مبنيّة على أن تكون الدول المستقلّة في المنطقة قويّة، وهذا النهج يأتي على عكس ما يميل إليه بعض الدول"، وقال: "رسالتنا تقتصر على نقطة مهمة، إذ من المهم لإيران أن تكون دول المنطقة مستقلّة بقرارتها، ولا تحتاج إلى تلقّي الأوامر من وراء المحيطات".
وتابع: "لم نأت بخطة إلى لبنان، لكن الأمريكيين هم الذين جاؤوا بورقة من عندهم، ولا نتدخل في شؤون لبنان الداخلية"، مشيراً إلى أنّه "على اللبنانيين أن يدركوا أن المقاومة رأسمال لهم"، مضيفاً: "لا ننظر إلى أصدقائنا كأداة، ونؤمن بأنّ المقاومة تتمتع بشعور عميق وتفكير استراتيجي قوي".
ولدى وصوله مطار رفيق الحريري الدولي صباح اليوم الأربعاء، قال لاريجاني للصحفيين، إن بلاده ستقف إلى جانب شعب لبنان في مختلف الظروف.
ووصل لاريجاني إلى بيروت قادماً من العراق، في زيارة رسمية ليوم واحد، وفق بيان للسفارة الإيرانية ببيروت.
وتأتي الزيارة بعد أيام من تصريحات إيرانية برفض أي مسعى لنزع سلاح "حزب الله"، إثر قرار الحكومة اللبنانية حصر السلاح بيد الدولة.