سياسة
7 دقيقة قراءة
"العدالة لنائل".. كيف يواجه ماكرون غضب الشعب بسبب مقتل شاب جزائريِّ الأصل؟
يواجه ماكرون وحكومته موجة غضب شعبي، احتجاجاً على عنف الشرطة التي قتلت قبل أيام شاباً من أصول جزائرية. وإزاء هذا الواقع، يتوعد الرئيس الفرنسي بتصعيد التعامل القمعي ضد المحتجين، وزيادة قوات مكافحة الشغب من أجل احتواء الأزمة.
"العدالة لنائل".. كيف يواجه ماكرون غضب الشعب بسبب مقتل شاب جزائريِّ الأصل؟
ماكرون يواجه غضباً شعبياً على مقتل الشاب الجزائري الأصل / مصدر: مفوضية شرطة باريس / Others
30 يونيو 2023

ليلة دامية أخرى عاشتها عدة مدن فرنسية، بخاصة ضواحي العاصمة باريس حيث تعيش أعداد كبيرة من الجاليات المغاربية والإفريقية، ذلك على خلفية الغضب الشعبي المتفجر إثر حادث مقتل مراهق من أصول جزائرية برصاص شرطة مدينة نانتير، يوم الثلاثاء.

هذا ووثقت مشاهد، تداولها ناشطو وسائل التواصل الاجتماعي، توقيف شرطيَّي السير الفرنسيان السيارةَ التي كان يقودها المراهق نائل، لحظات بعد أن يطلق أحدهما النار عليه. وفي مقطع آخر، كان أحد الشرطيين يخاطب السائق مهدداً: "سأزرع رصاصة هذا المسدس في رأسك إن لم تمتثل لأمر النزول".

وحسب تقارير، فإن الشاب جزائري الأصل توفي بفعل الرصاصة التي تلقاها في صدره. بينما حملت الرواية الأولية للشرطة الفرنسية المسؤولية للضحية، بما وصفته "محاولة القتل العمد لشخص يتولى السلطة العامة"، واصفة إطلاق النار من مسدس الشرطي على أنه "دفاع مشروع عن النفس"، وهو ما أثار غضباً شعبياً واسعاً وتضامناً مع الضحية.

وفي مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، خرجت والدة الضحية متهمة الشرطة بـ"حرمانها من طفلها الصغير". ودعت إلى "مسيرة بيضاء" أمام مفوضية الشرطة بنانتير، يوم الخميس، مطالبة بالعدالة والقصاص لدم ابنها المهدور، كذلك لـ"الثورة ضد العنف البوليسي".

موجة غضب شعبي

ومنذ يوم وقوع الحادث، اندلعت موجة احتجاجات واسعة في عدد من المدن الفرنسية، وعلى وجه خاص ضواحي العاصمة باريس، حيث تسكن الأغلبية من الجاليات المهاجرة.

وتخللت هذه الاحتجاجات صدامات مع رجال الأمن، استُخدم فيها التراشق بالحجارة والألعاب النارية، وحرق الإطارات وحاويات القمامة. كما أُحرق مبنى إداري واحد على الأقل من المحتجين الغاضبين على مقتل الشاب نائل، ويتعلّق الأمر بمبنى بلدية مونت لا جولي.

وأوضح وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، أنه في الليلة الأولى للاحتجاجات "جرى إحراق نحو 40 سيارة" من قبل المحتجين.

وتستمر هذه المواجهات لليلة الرابعة على التوالي، اعتمدت فيها الشرطة الفرنسية على المقاربة القمعية في التعامل مع المحتجين. وحسب ما ذكرت وسائل إعلام فرنسية، بناءً على معلومات من وزارة الداخلية، وصل عدد الموقوفين خلال الاحتجاجات، إلى حدود ليلة الخميس-الجمعة، نحو 875 شخصاً. كما ألحقت أضراراً بـ492 بناية وأحرقت 2000 سيارة.

وفي ليلة الخميس، شهدت ضاحية أوبارفيلييه بباريس إحراق 12 حافلة، فيما أقدم آخرون على سرقة مخفر للشرطة بمدينة ريمس. وفي مدينة ليل، تعرض قسم من مبنى بلدية منطقة وازيمس للاحتراق، فضلاً عن إضرام النار في مركز استعلامات في ضاحية روبيه بالمدينة.

قمع "المسيرة البيضاء"

وتزعمت والدة الشاب نائل، السيدة منية، المسيرة "البيضاء" يوم الخميس بمدينة نانتير، وهي تقف على شاحنة مرتدية قميصاً كُتب عليه "العدالة لنائل". وشارك في المسيرة عدد من الفعاليات الحقوقية وجمعيات المطالبة بالعدالة لضحايا عنف الشرطة، كذلك عدد من المنتخبين والنشطاء السياسيين، إضافة إلى طلاب وأبناء الجاليات المهاجرة.

وحسب تقديرات عدد من وسائل الإعلام الفرنسية، شهدت المسيرة مشاركة بضعة آلاف من المحتجين. فيما قالت مفوضية شرطة باريس، إن عدد المشاركين بلغ 6200 شخص. ورفع المشاركون شعارات من قبيل "العدالة لنائل" و"الشرطة تقتل" تنديداً بالعنف البوليسي.

ولم تسلم هذه المسيرة أيضاً من قمع رجال الشرطة، الذين هاجموها بقنابل الغاز المسيل للدموع، لتندلع إثر ذلك صدامات بينهم وبين المتظاهرين. وحسب ما أورده شهود عيان لـTRT عربي، فإن المسيرة كانت تسير بشكل سلمي إلى أن اقتربت من مقر مفوضية شرطة نانتير، حيث هاجمتها عناصر من أجهزة مكافحة الشغب.

وصرحت الناشطة الحقوقية من أصول مغربية، ياسمين الساخي، لـTRT عربي، قائلة: "على طول السنوات الأربع التي عشت فيها في فرنسا، لم أرَ مسيرة احتجاجية بالسلمية والتنوع والتنظيم الجيد أفضل من مسيرة أمس (...) لقد شارك فيها منتخبون ونشطاء سياسيون وحقوقيون وشخصيات مشهورة، كذلك أمهات ونساء محجبات وشباب من الأحياء الشعبية".

وتضيف الناشطة أن "كل شيء كان على ما يرام، حتى بدأت الشرطة في مهاجمتنا، أنا كنت في وسط المسيرة فلم أشهد لحظة الصدام، لكن مع توقفها تقدمت نحو الأمام لأعيش أكثر اللحظات هلعاً (...) كان رجال الشرطة يرشقون نحونا القنابل المسيلة للدموع، ما تسبب في حالة هلع كبيرة، وأنا، عن نفسي، أصبت باختناق وألم حاد في عينيّ رافقني لساعات طويلة".

ماكرون يواجه الاحتجاجات بالعنف

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن هذه الأحداث قطعت على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشاركته في القمة الأوروبية في بروكسل، إذ عاد إلى باريس صباح الجمعة، من أجل ترؤس اجتماع خلية الأزمة التي جرى تشكيلها لاحتواء الوضع.

بالمقابل، اختار الرئيس ماكرون، وحكومته، الإجابة عن الغضب الشعبي من عنف الشرطة بمضاعفة عنف تلك الشرطة، وبالمقاربة القمعية التي واجهت كل الاحتجاجات، وعلى رأسها "المسيرة البيضاء". وهو ما كشفت عنه رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، خلال حديثها عن أن الحكومة تدرس فرض حالة الطوارئ في البلاد، ضمن عدة خيارات لمواجهة الاحتجاجات و"إعادة النظام".

هذا وقالت بورن إن مركبات مدرعة وقوات شرطة إضافية سيجري نشرها في بؤر التوترات، بينما تستعد السلطات لليلة أخرى من الاحتجاجات العنيفة. وفي وقت سابق، كان وزير الداخلية جيرالد دارمانان قد أعلن أن نحو 40 ألف شرطي جرى نشرهم في أنحاء فرنسا.

وأكد الرئيس الفرنسي، أثناء ترؤسه اجتماعاً لخلية الأزمة، هذه المقاربة القمعية حين توعد بالتعامل بحزم "مع من يهددون أساس الدولة الفرنسية"، قبل أن يتوجه بالحديث إلى منصات التواصل الاجتماعي، قائلاً: "على هذه المنصات سحب المواد الحساسة، وندعوها إلى التحلي بالمسؤولية".

فيما أصدرت وزارة الداخلية الفرنسية قراراً بإيقاف عمل وسائل النقل العام بعد التاسعة مساء في جميع محافظات البلاد. وسبق أن أعلنت سلطات مدينة كالامار، حظراً للتجوال يمتد من 9 ليلاً إلى 6 صباحاً، وينتهي حتى يوم الاثنين. في حين قالت مفوضية الشرطة في باريس إنها ستراقب الضواحي من الجو، باستخدام طائرات بدون طيار، بداية من الساعة 6 مساء الجمعة إلى 6 صباح السبت.

هذا وانتقد النائب البرلماني وزعيم حركة "فرنسا الأبية" المعارضة، جان لوك ميلونشون، نهج حكومة ماكرون القمعي. وقال ميلونشون في تغريدة: "إن التصعيد الأمني سيقودنا نحو الكارثة. استمعوا إلى مطالب الشعب واحترموها!".

مصدر:TRT عربي
اكتشف
"تلتزم تحقيق السلام مع لبنان".. المبعوث الأمريكي يدافع عن إسرائيل رغم اعتداءاتها المتواصلة
البرغوثي: نواجه مخططات تطهير عرقي ضد الفلسطينيين.. وأمريكا تواصل انحيازها الكامل لإسرائيل
مظاهرة داعمة لفلسطين أمام البيت الأبيض احتجاجاً على زيارة نتنياهو
جيش الاحتلال يعلن اعتقال خلية يزعم أنها تتبع فيلق القدس الإيراني جنوبي سوريا
ترمب يتوعد الدول المتحالفة مع بريكس برسوم جمركية إضافية بنسبة 10%
ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في تكساس إلى 82 قتيلاً وسط استمرار البحث عن مفقودين
ترمب: أمامنا فرصة جيّدة للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة هذا الأسبوع
قادة "بريكس" يدعون إلى إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية ويُدينون الهجمات على إيران
القسام تستهدف تجمعات لجيش الاحتلال بخان يونس وتقصف مستوطنتين محاذيتين لغزة
بلا نتيجة حاسمة.. انتهاء الجلسة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل
جيش الاحتلال يستهدف مواني ومحطة كهرباء في اليمن والحوثيون يعلنون التصدي للهجوم
الضفة.. شهيدان في نابلس وإخطارات بالهدم في الخليل و296 انتهاكاً إسرائيلياً في سلفيت
الدوحة.. جولة مفاوضات جديدة غير مباشرة بين حماس وإسرائيل لأجل وقف إطلاق النار في غزة
"بملايين الدولارات".. تقرير بريطاني: شركة أمريكية تخطط لتهجير فلسطينيي غزة عبر المساعدات الإنسانية
عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب باتفاق شامل تزامناً مع مفاوضات الدوحة
ألق نظرة سريعة على TRT Global. شاركونا تعليقاتكم
Contact us