وقال رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية في الرئاسة التركية خلوق غورغون، يوم السبت: "مع إكمال الطائرة المسيّرة بيرقدار أقنجي لأول رحلة لها بنجاح باستخدام رادار MURAD AESA، المطور مِن قِبل أسيلسان (ASELSAN)، تحقَّق إنجاز جديد غير مسبوق في صناعتنا الدفاعية".

وأضاف غورغون، عبر حسابه على منصة إكس (X): "أصبحت الطائرات المسيّرة التركية الآن مزودة بأعين أكثر حدة، وقدرة فائقة على أداء المهام في جميع الظروف، بالإضافة إلى إمكانيات تغير قواعد اللعبة في ساحة المعركة".

من جهته، نشر أحمد أكيول، المدير العام لشركة أسيلسان، تعليقاً قال فيه: "رادار MURAD AESA مع الطائرة المسيّرة بيرقدار أقنجي يشكّل ثنائياً وطنياً سيغير قواعد اللعبة في السماء".

وعلّقت شركة أسيلسان على منصتها في إكس بقولها: "هذه التكنولوجيا الرائدة، التي تمكنت فقط بضع دول حول العالم من تطويرها، ستسهم بشكل كبير في تعزيز التفوق الجوي والوعي الميداني للطائرة أقنجي".

أهمية الرادار MURAD

يُصنَّف رادار MURAD 100-A ضمن فئة رادارات مصفوفة المسح الإلكتروني النشط (AESA)، التي تختلف عن الرادارات التقليدية المصنفة ضمن مصفوفات المسح الإلكتروني السلبي (PESA). ويتميز هذا النوع من الرادارات بقدرته العالية على مقاومة التشويش الإلكتروني، إلى جانب إمكانيات الاشتباك المتزامن في القتال الجوي (جوّ-جوّ) والقتال البري (جوّ-أرض)، مما يجعله رادار تحكم ناري متعدد الوظائف ومتطوراً للغاية.

وأشار الباحث في الشؤون الدفاعية أنيل شاهين في حديثه مع TRT HABER إلى أن الفرق الأكبر بين رادار AESA والرادارات الميكانيكية أو الرادارات الإلكترونية السلبية الأخرى هو أنه لا يحتاج إلى حركة ميكانيكية من أجل إجراء المسح، كما يؤكد أن رادارات AESA تتمتع بسرعة أعلى وقدرة أكبر على اكتشاف وتتبع عدد أكبر من الأهداف في وقت واحد.

ويوضح أنيل شاهين أن رادارات AESA أقل عرضة للأعطال مقارنةً بالرادارات التقليدية، كما أنها تتمتع بمقاومة أعلى للحرب الإلكترونية.

ويشير إلى أن هذه الميزات تُعَدّ عامل قوة استراتيجياً، خصوصاً في المعارك الجوية (جوّ-جوّ)، مضيفاً: "في ظل نفس الظروف البيئية يكاد يكون من المستحيل أن تتمكن طائرة مقاتلة مزودة برادار تقليدي قديم من إسقاط طائرة مقاتلة أخرى مزودة برادار AESA".

عين المنصات الجوية

يلفت شاهين الانتباه إلى أن رادار MURAD هو أول رادار جوي AESA في تركيا، وسيُستخدَم على كل من المنصات الجوية المأهولة وغير المأهولة. وقد أكمل اختبارات الأرض بنجاح وانتقل الآن إلى مرحلة الاختبارات الجوية.

ويؤكد شاهين أن الاختبارات الجوية ستسهم بشكل كبير في تطوير وتحسين الرادار، مضيفاً: "المنتج النهائي الذي سيُحصَل عليه مِن هذه المرحلة سيصبح العين لجميع المنصات الجوية التركية الحالية والمستقبلية".

وأشار شاهين إلى أن بعض التعديلات الطفيفة قد ثحدث خلال هذه المرحلة، مضيفاً: "على المدى القصير، ستبدأ الطائرة المسيّرة أقنجي في التحليق باستخدام رادار MURAD".

وأضاف أن استخدام هذا الرادار سيمكّن الطائرة المسيّرة من إطلاق صواريخ جوّ-جوّ والاشتباك مع أهداف جوية أخرى.

ثم أكمل حديثه قائلاً: "هذا تحدٍّ كبير للغاية... لأنه على عكس الطائرات المقاتلة مثل F-16، لا يكون قرار الإطلاق بيد طيار داخل قمرة القيادة، بل يُتحكَّم به من محطة القيادة الأرضية. يجب أن يكون بين الطائرة المسيّرة وحمولتها ومحطة التحكم الأرضية اتصال فوري ومستمر وخالٍ من التقطعات والتشويش. في حال نجاح هذه العملية، ستكون سابقة من نوعها".

وأضاف: "حاولت الولايات المتحدة تنفيذ سيناريو مشابه سابقاً، إذ أطلقت طائرة MQ-9 Reaper صاروخ AIM-9 قصير المدى جوّ-جوّ، لكن التجربة لم تستمر. علاوة على ذلك، لم يكن ذلك النظام مزوداً بتكامل مع رادار AESA كما هي الحال في المشروع التركي. من المحتمل أن تحقق تركيا إنجازاً جديداً في هذا المجال".

نموذج دفاعيّ جديد

تتربع تركيا وشركة بايكار على قمة سوق تصدير الطائرات المسيّرة عالمياً، مما يثير تساؤلات حول فرص تصدير الطائرة AKINCI المزودة برادار AESA. ويؤكد شاهين أن الطلب على هذه الطائرات سيكون مرتفعاً للغاية.

وقد أظهرت ميادين المعارك في الفترة الأخيرة، خصوصاً في أوكرانيا وإسرائيل، المشكلة الكبيرة التي تواجه أنظمة الدفاع الجوي التقليدية في التصدي للطائرات المسيّرة الانتحارية. وفي حال تمكنت الطائرات المسيّرة التركية من التزود بصواريخ جوّ-جوّ، فستكون قادرة على المشاركة في عمليات الدفاع الجوي بفاعلية.

وهذا ما يشير إليه شاهين في حديثه قائلاً: "عندما نفذت إيران هجوماً بطائرات مسيّرة انتحارية ضد إسرائيل، لم تتمكن أنظمة الدفاع الجوي الأرضية من التعامل مع التهديد، مما دفع إسرائيل وحلفاءها إلى إسقاط الطائرات المسيّرة باستخدام عشرات الصواريخ التي أطلقتها مقاتلات مثل F-35، F-15، F-16، Typhoon وRafale".

وأشار إلى أن تكلفة تشغيل الطائرات الحربية أعلى بكثير مقارنةً بالطائرات المسيّرة، إلى جانب المخاطر البشرية المتمثلة في فقدان الطيارين، مؤكداً أن الطائرات المسيّرة يمكن تعويضها بسرعة، كما أن مدة بقائها في الجوّ أطول من المقاتلات التقليدية.

واختتم قائلاً: "إذا نجحت تركيا في إدماج نموذج الطائرات المسيّرة مع رادار AESA وصواريخ جوّ-جوّ بطريقة صحيحة، فمن المؤكد أن يحظى هذا النموذج بطلب واسع النطاق عالمياً".