وضمن سلسلة استهدافات لمناطق عدة في الضفة، تشهد حالياً قرية الولجة الواقعة بين مدينتي القدس وبيت لحم جنوبي الضفة الغربية، عمليات هدم واسعة ينفذها الاحتلال الإسرائيلي بحق منازل المواطنين الفلسطينيين، بحجة البناء من دون ترخيص، إذ يشهد سكان القرية عمليات هدم وإخطارات بالهدم بصورة أسبوعية.
وفي هذا الصدد، قال عمدة قرية الولجة، خضر الأعرج، في حديث مع وكالة الأناضول إن الاحتلال هدم 22 منزلاً منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، بينها منازل مأهولة ومسكونه منذ سنوات، بالإضافة إلى تجريف أراض وجدران استنادية، كما سلمت عشرات الإخطارات بالهدم بذريعة البناء من دون ترخيص.
وأوضح أن السلطات الإسرائيلية تقسم أراضي قريته إلى مناطق تتبع إدارياً بلدية القدس الإسرائيلية، ومناطق أخرى مصنفة "ج" حسب اتفاق أوسلو، مبيناً أن الهدم يجري في كلا الجانبين بذريعة البناء من دون ترخيص.
وتقسم اتفاقية أوسلو 2 التي وقعت عام 1995 أراضي الضفة إلى 3 مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتشكل الأخيرة نحو 60% من مساحة الضفة.
ويحظر على الفلسطينيين إجراء أي تغيير أو بناء في المنطقة "ج" من الضفة الغربية من دون تصريح إسرائيلي، يُعتبر من شبه المستحيل الحصول عليه، وفق منظمات دولية.
تضييق متعمّد
تقع قرية الولجة على جبال مطلة على مدينة القدس المحتلة لكن جدار الفصل الإسرائيلي عزلها عن المدينة، واقتطع منها عشرات الدونمات داخل الجدار، فهي وسط حزام استيطاني يسعى للسيطرة على أكبر مساحة من الأراضي لتشكيل حزام متصل مع تجمع غوش عتصيون الاستيطاني جنوبي القدس، وفق ما قاله الأعرج.
وأضاف أن استمرار التوسع الاستيطاني يعني خسارة سكان الولجة والقرى الفلسطينية القريبة أراضيهم وحرمانهم من التوسع العمراني، مشيراً إلى أن إسرائيل تهدف إلى التضييق على السكان وطردهم وتهجيرهم من قريتهم لمصلحة مشاريع استيطانية. وتابع: إن "عمليات الهدم زادت بشكل سريع بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي أثناء لقائه مع وكالة الأناضول أشار عمدة قرية الولجة إلى أحد المساكن التي هُدمت مؤخراً قائلاً: "قبل 12 عاماً سكنت عائلة فلسطينية في هذا المنزل، ولم تُبلغ بالهدم من قبل، وخلال الفترة الأخيرة أُخطرت به، وفي أقل من أسبوعين جرت عملية الهدم".وأردف: "لا توجد فرصة للتوجه إلى المحاكم لاستصدار قرارات بإيقاف الهدم، إنهم يعملون بسرعة، وبشكل مستفز ومقصود".
وتابع "عشرات المنازل أُخطرت مؤخراً بالهدم "وفي أي لحظة قد تقع مجزرة بحق البيوت، ولا يوجد ما يوقف هذا الصلف الإسرائيلي"، مستطرداً أن هذا الأمر انعكس سلباً على حياة الناس، إذ إنهم يواجهون تضييقاً متعمداً، وإن أي عائلة تحتاج إلى بناء بيت بسبب التمدد الطبيعي للعائلة تصطدم بواقع صعب للغاية، ولا توجد أماكن يمكن التوجه إليها.
وقال الأعرج، إن الاحتلال يسعى لإفراغ القرية من السكان، لافتاً إلى أن: "ما يجري في الولجة حاله حال بقية الضفة الغربية، إسرائيل تستثمر الانشغال الدولي بالحرب وتنفذ مجزرة، والعالم يرى ويصمت".
وفي 1948 هُجّر سكان الولجة من قريتهم وأسسوا القرية الجديدة على أراضٍ يملكونها تقابل القرية الأم، ويسكن الولجة "الجديدة" نحو 2500 مواطن فلسطيني على مساحة 2000 دونم من أصل 17 ألف دونم، هي مساحة القرية السابقة.
"يريدون الأرض من دون سكان"
بدوره قال الفلسطيني محمود أبو خيارة وهو أحد سكان القرية، إن الاحتلال الإسرائيلي هدم منزله في فبراير/شباط الماضي بذريعة البناء من دون ترخيص، إذ كان يسكن مع عائلته المكونة من 5 أفراد بينهم أطفال منذ عام 2017 ، لكن الاحتلال هدمه بصورة مفاجئة بحجة البناء من دون ترخيص.
وأوضح أنهم لم يعطوه أي فرصة للتوجه إلى المحاكم، "كأنه عقاب وانتقام"، مضيفاً أن عائلته تعيش ظروفاً صعبة، إذ اضطر للسكن في منزل والديه وأن أطفاله لا يعرفون ما جرى، ويريدون العودة للبيت، بعد أن فقدوا غرفهم وخصوصيتهم، وباتوا بلا شيء.
وبين أنه شيّد منزله بتكلفة وصلت إلى أكثر من 50 ألف دولار، "ولكن قيمته المعنوية لا تقدر بملايين، إنهم يسعون للسيطرة على كل شيء، يريدون الأرض من دون سكان".
وحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، هدمت إسرائيل 513 منشأة فلسطينية بالضفة الغربية المحتلة منذ بداية عام 2024، بينها 197 منزلاً مأهولاً بالسكان.