وفي كلمتها خلال الافتتاح، قالت المحاضِرة في القانون الدولي بجامعة "كِنت" شهد حموري، ، إن استقدام الشهود للإدلاء بشهاداتهم يمثل "واجباً أخلاقياً"، مشيرةً إلى الأبعاد التاريخية والاقتصادية والعسكرية والسياسية للإبادة الجماعية.
وأكدت أن "الإبادة المستمرة منذ نحو عامين في غزة جزء من مشروع استيطاني استعماري طويل الأمد"، مضيفةً: "اليوم نُحيي الديمقراطية، والعدالة، والإنسانية المشتركة، في لحظة تاريخية حاسمة".
وافقها في الرأي الصحفي الفلسطيني أبو بكر عابد، في أثناء شهادته في الجلسة، إذ قال إن "ما يجري في القطاع اليوم هو امتداد لعقدين من الحصار الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن الأوضاع كانت سيئة بالفعل قبل بدء الحرب في 2023.
وتحدث عابد عن معاناته مع سوء التغذية في أثناء وجوده في غزة قبل إجلائه إلى آيرلندا في فبراير/شباط 2025. كما أكد أن إسرائيل تستهدف الصحفيين بشكل متعمَّد، لافتاً إلى استشهاد أكثر من 250 منهم.
وانتقد في الوقت نفسه وسائل الإعلام الدولية لانحيازها إلى إسرائيل، موضحاً أن الصحفيين في غزة يعملون باستقلالية لنقل صوت الفلسطينيين.
كذلك قدّم الجراح البريطاني نِك ماينارد، العائد من رحلته الثالثة إلى غزة، شهادة قال فيها إن إسرائيل "تستهدف المستشفيات والعاملين الصحيين عمداً".
وأوضح ماينارد، وهو استشاري في مستشفى جامعة أكسفورد، أنه عمل في مستشفى ناصر خلال زيارته الأخيرة قبل أن يتعرض للقصف، مشيراً إلى أن أكثر من 450 من العاملين الصحيين جرى أسرهم، فيما استُشهد وأُصيب آخرون جراء الهجمات المستمرة.
"بريطانيا لا تقتلنا فقط بل ترفض إنقاذنا"
من جانبها، قالت الفلسطينية المشاركة في تأسيس "مشروع سمير" الإغاثي، هالة صباح، إن عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة "منخفض للغاية"، مؤكدةً وفاة عديد من الأطفال بسبب نقص الدواء خلال الأشهر الأربعة الماضية التي شهدت حصاراً كاملاً.
وأضافت: "المساعدات تُدار بشكل متعمد من الاحتلال العسكري"، مشيرةً إلى أن المجاعة ما زالت قائمة. كما انتقدت بريطانيا على وجه الخصوص لاستقبالها عدداً قليلاً من أطفال غزة للعلاج مقارنةً بدول أوروبية أخرى، قائلة: "المملكة المتحدة لا تقتلنا فقط، بل ترفض إنقاذنا"، متهمةً إياها بالتواطؤ في الإبادة الجماعية.
بدورها، حذَّرت مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين فرانشيسكا ألبانيز، من أن تقاعس بريطانيا عن الوفاء بالتزاماتها قد يؤدي إلى ملاحقتها قضائياً بتهمة التواطؤ في الجرائم الإسرائيلية.
وقالت: "فلسطين اليوم مسرح جريمة، وهذه الانتهاكات ممنهجة وواسعة وتحولت إلى إبادة جماعية"، مؤكدةً أن إسرائيل لم تكن لتواصل سياساتها دون "دعم فعّال من عدد كبير من الدول".
وأوضحت أن الانتهاكات الإسرائيلية الأشد خطورة هي "حرمان الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير"، داعيةً بريطانيا ودولاً أخرى إلى وقف علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع إسرائيل وفرض حظر كامل على السلاح.
كما شددت على ضرورة التزام بريطانيا تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين، محذرةً من أن رفض لندن الوفاء بالتزاماتها الدولية قد يتحول إلى قضية ضدها.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتَي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لاتهامهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
وتستمر جلسات "محكمة غزة" التي بدأت اليوم في لندن على مدى يومين، برئاسة زعيم حزب العمال البريطاني السابق جيريمي كوربن، وأستاذ القانون الدولي في جامعة كوين ماري نيف غوردون، والأكاديمية الفلسطينية شهد حموري.
كانت المحكمة قد أُنشئت العام الماضي بمبادرة ترأسها المقرر الأممي السابق ريتشارد فولك، بهدف تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان التي يصعب على المحاكم الدولية التعامل معها بسبب التعقيدات السياسية وطول الإجراءات، مع التأكيد أنها ليست بديلاً عن المحاكم الرسمية، بل مكمِّلة لها.
وبدعمٍ أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلةً النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت هذه الإبادة 64 ألفاً و231 شهيداً، و161 ألفاً و583 جريحاً من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 370 فلسطينياً بينهم 131 طفلاً.