والجمعة، أعلنت الأمم المتحدة والهيئة الدولية المعنية بمراقبة الجوع في العالم (IPC) تفشي المجاعة رسمياً في قطاع غزة، لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط، وسط تنديد واسع من منظمات إغاثة دولية ومسؤولين غربيين بالحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع.
وأكد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، المدعوم من الأمم المتحدة، أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون ظروفاً كارثية من الجوع وسوء التغذية الحاد، محذراً من امتداد المجاعة إلى دير البلح وخان يونس بنهاية الشهر الحالي، وتفاقم الأزمة حتى يونيو/حزيران 2026.
وقالت منظمة ميرسي كور إن تأكيد المجاعة هو "نتيجة مباشرة لأشهُر من القيود المتعمدة على المساعدات وتدمير أنظمة الغذاء والصحة والمياه"، مؤكدة أن لديها مساعدات كافية لـ160 ألف شخص لكنها مُنعت من الدخول.
من جانبها، اعتبرت منظمة كريستيان إيد الدولية أن ما يحدث "غير معقول"، مشيرة إلى أن عائلات في غزة تعاني الإغماء والإعياء الشديد بسبب الجوع، فيما حمّلت منظمة أوكسفام إسرائيل مسؤولية رفض جميع طلبات إدخال مساعداتها، التي تشمل طروداً غذائية عالية السعرات بقيمة 2.5 مليون دولار.
أما منظمة أكشن إيد فقد وصفت ما يحدث بأنه "مجاعة مدبرة بالكامل" و"وصمة عار في جبين الإنسانية". بدورها شددت لجنة الإنقاذ الدولية على ضرورة فتح جميع المعابر الحدودية، وإقرار وقف دائم لإطلاق النار لضمان تدفق المساعدات، معتبرة أن المساعدات وحدها لن توقف الكارثة "دون قرار سياسي حاسم".
كما اتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إسرائيل بتعمد صناعة المجاعة، مؤكداً أن الواقع الميداني أسوأ بكثير مما ورد في التقرير الأممي، وأن أكثر من 1.5 مليون إنسان يعانون من مستويات حادة من الجوع.
على الصعيد السياسي، وصف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي المجاعة بأنها "فضيحة أخلاقية وكارثة من صنع الإنسان"، محملاً إسرائيل المسؤولية عن منع دخول الغذاء والدواء.
أما وزير الخارجية الأيرلندي سيمون هاريس فاعتبر ما يحدث "مقززاً وحقيراً"، وأكد أن بلاده ترى في ما يجري إبادة، داعياً الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على إسرائيل وزيادة الدعم لبرامج المساعدات الإنسانية.
من جهته، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المجاعة في غزة بأنها "كارثة من صنع البشر واتهام أخلاقي وفشل للبشرية"، مؤكداً أن الوضع القائم "لا يمكن أن يستمر دون عقاب".
وأضاف أن "كلمة جديدة أضيفت إلى جحيم غزة هي المجاعة، وهي ليست مجرد انعدام للغذاء، بل انهيار متعمد للأنظمة اللازمة لبقاء الإنسان"، محملاً إسرائيل بصفتها القوة المحتلة المسؤولية الكاملة عن ضمان وصول الغذاء والإمدادات الطبية، ومجدداً الدعوة لوقف فوري لإطلاق النار وضمان دخول المساعدات دون قيود.
في المقابل، شن السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي هجوماً على الأمم المتحدة، متهماً إياها بـ"الفساد وانعدام الكفاءة"، وقال إن "92% من المساعدات الغذائية تُسرق لتُباع لحركة حماس"، معتبراً أن الإعلام الدولي "يغفل القصة الحقيقية للمجاعة في غزة".
وتفاقم التجويع في غزة وارتفعت حصيلة وفيات سوء التغذية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 274، بينهم 113 طفلاً، وفق إحصائية نشرتها وزارة الصحة، الخميس.
ورغم سماح إسرائيل قبل نحو 3 أسابيع بدخول شاحنات محدودة جداً من المساعدات الإنسانية والبضائع، فإن المجاعة ما زالت مستمرة، إذ تتعرض تلك الشاحنات في معظمها للسرقة من عصابات تقول حكومة غزة إنها تحظى بحماية إسرائيلية.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة في غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 62 ألفاً و263 شهيداً و157 ألفاً و365 مصاباً من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 273 شخصاً، بينهم 112 طفلاً.