وحاول جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان أصدره بعد ساعات على القصف، التهرب من مسؤوليته عن دماء الشهداء، وقال: "هاجمنا في وقت سابق محيط مستشفى ناصر بخان يونس، ورئيس أركان الجيش إيال زامير وجّه بإجراء تحقيق أولي في أقرب وقت".
وتابع الجيش الذي يرتكب إبادة بحق الفلسطينيين منذ 23 شهراً: "نعرب عن أسفنا لأي إصابة لغير المتورطين"، مدّعياً أنه "لا يوجّه ضرباته نحو الصحفيين بصفتهم هذه"، رغم أنه قتل خلال الإبادة 246 صحفياً، وفق إحصائية المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وتسبب الهجوم الإسرائيلي صباح الاثنين في مجزرة راح ضحيتها أكثر من 20 فلسطينيا، بينهم 5 صحفيين إضافة إلى مرضى وطواقم طبية، بحسب وزارة الصحة بقطاع غزة.
من جانبها قالت وزارة الصحة في بيان، إنها "تستنكر بأشد العبارات الجريمة النكراء التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي باستهدافه المباشر مجمع ناصر الطبي"، لافتة إلى أنه "المستشفى العامّ الوحيد الذي يعمل في جنوب قطاع غزة".
وأكدت أن "استهداف الاحتلال المستشفى وقتل الطواقم الصحية والصحفية والدفاع المدني هو استمرار للتدمير الممنهج للنظام الصحي واستمرار الإبادة، ورسالة تَحدٍّ للعالم أجمع ولكل قيم الإنسانية والعدالة".
وبعد تصاعد الإدانات الدولية للمجزرة بحق الفلسطينيين المدنيين وطواقم الإغاثة والإعلام بمستشفى ناصر، زعم متحدث جيش الاحتلال الإسرائيلي إيفي دفرين أن "حماس عملت من داخل المستشفى".
ومحاولاً التنصل من المسؤولية، قال خلال كلمة متلفزة باللغة الإنجليزية نشرها إعلام عبري بينها هيئة البثّ الرسمية: "نحن نعمل في واقع معقد للغاية"، مدعياً أن "حماس تستخدم البنى التحتية المدنية، بل إنها تعمل من داخل المستشفى نفسه"، على حد زعمه.
وفي بيان لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صادر باللغة الإنجليزية، ادّعى أن "إسرائيل تأسف بشدة للحادثة المأساوية التي وقعت اليوم (أمس الاثنين) في مستشفى ناصر بغزة".
لكن نتنياهو قال خلال لقائه السيناتور الأمريكي جوني إرنست في مكتبه بمدينة القدس المحتلة، إنّ حكومته ماضية في تنفيذ قرار احتلال غزة، رغم تحذيرات إسرائيلية من خطورة ذلك على حياة الأسرى، وتنديد دولي بالخطورة التي من شأنها مفاقمة معاناة الفلسطينيين.
وأضاف نتنياهو أنّ "قرار المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) كان قاطعاً، وأن إسرائيل ستعمل بعزم وبقوة من أجل استعادة جميع مختطَفيها (الأسرى) والقضاء على حماس"، مشدّداً على أن "هاتين المهمتين مترابطتان"، بلا مزيد من التفاصيل.
وفي 8 أغسطس/آب صدّق الكابينت على خطة اقترحها نتنياهو لاحتلال تدريجي لكامل القطاع الفلسطيني، يبدأ بمدينة غزة عبر تهجير سكانها البالغ عددهم نحو مليون نسمة، قبل تطويقها وتنفيذ عمليات توغل داخل الأحياء، ثم التوجه إلى مخيمات اللاجئين وسط القطاع.
والأربعاء وافق وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس على خطة احتلال مدينة غزة ومهاجمتها في عملية عسكرية تحمل اسم "عربات جدعون 2"، رغم جهود الوسطاء للتوصل إلى اتفاق للتهدئة.
فيما حذّر رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير الأحد، نتنياهو من أن "احتلال مدينة غزة قد يشكّل خطراً شديداً على حياة المحتجَزين (الأسرى)"، داعياً إياه إلى قبول صفقة تبادل الأسرى المطروحة حالياً، التي قبِلَتها حركة حماس.
وقبل الاحتجاج الواسع الذي دعت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين إلى تنفيذه الثلاثاء، للمطالبة بإبرام صفقة فورية لإعادة الأسرى ووقف الحرب، طالبت عائلة الجندي الأسير بغزة نمرود كوهين الجمهور الإسرائيلي بالانضمام إلى المظاهرات.
وقالت فيكي كوهين والدة الجندي، في بيان: "هذه المرة سنفعل الأمر بشكل مختلف، هذه المرة لن ننزل إلى الشوارع بعد أن يحبطوا الصفقة، هذه المرة سنكون في الشوارع لضمان عدم إحباطهم لها مرة أخرى".
وخاطبت الإسرائيليين بقولها: "أرجوكم أن تقفوا إلى جانبنا في الخطوات التالية أيضاً؛ معاً سنضمن أن لا يُحبِط أحد الصفقات. دعونا نُظهِر لمسؤولينا المنتخَبين قوتنا معاً"، وفق "يديعوت أحرونوت".
من جانبه قال يوتام شقيق الجندي الأسير: "حكومة نتنياهو لا تكلّف نفسها عناء الردّ على ردّ حماس الإيجابي، ومع مرور كل يوم تحكم على نمرود بالتعذيب والموت".
وتابع: "كان من المفترض أن يبدأ تنفيذ الاتفاق الذي سيُعيد نمرود والمختطفين (الأسرى) الآخرين الأسبوع الماضي. حكومة نتنياهو متأخرة أسبوعاً عن موعدها. غداً سيخرج الجميع، إلى الشوارع وفي التقاطعات وفي الساحات".
وقبل نحو أسبوع وافقت حماس على مقترح للوسطاء بشأن صفقة جزئية لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة، إلا أن إسرائيل لم تردّ عليه حتى الآن، رغم تَطابُق بنوده تطابقاً شبه تامّ مع ما سبق أن وافقت عليه تل أبيب.
وبدلاً من ذلك يدفع نتنياهو نحو احتلال مدينة غزة رغم تحذيرات دولية، بدعوى إطلاق سراح الأسرى وهزيمة حماس، وسط تشكيك كبير من معارضين ومسؤولين سابقين في إمكانية تحقيق ذلك، وتأكيد الجيش الإسرائيلي أن العملية تشكّل خطراً على حياة الأسرى.
وتقدّر إسرائيل وجود 50 أسيراً لها لدى حماس، 20 منهم أحياء، فيما يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني، وسط اتهامات حقوقية بتعرُّضهم للتعذيب والإهمال الطبي.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة بغزة خلّفت 62 ألفاً و744 شهيداً، و158 ألفاً و259 جريحاً من الفلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 300 فلسطيني بينهم 117 طفلاً حتى الاثنين.