كانت مشاهدة قردة البابون وملاعبتها، من الأشياء المحببة والممتعة للكثير من السعودين والسياح على حد سواء. ممن كانوا يتوجهون بشكل خاص إلى المناطق التي توجد بها هذه الفصيلة من القردة، وبخاصة المناطق الجبلية، للتعرف عليها عن قرب والاستمتاع بملاعبتها.
لكن قردة البابون، بدأت خلال العشر سنوات الأخيرة في مغادرة المناطق الجبلية، واجتياح المناطق الزراعية والتوغل في المناطق الآهلة بالسكان، متسببة بالكثير من الخسائر المادية للمزارعين، ومثيرة الهلع لدى الأهالي والأطفال، الذين باتوا يتعرضون باستمرار إلى هجماتها الشرسة.
وقد وثقت مؤخراً، العديد من المقاطع المنتشرة على مواقع التواصل الإجتماعي حالات لمضايقات واعتداء عصابات قردة البابون على الناس، مما استدعى السلطات الرسمية لتوجيه السلط المحلية لاتخاذ إجراءات وتدابير، تمنع استفحال الظاهرة.
قردة البابون.. ترويع وسرقة وتخريب
عادة ما توجد قردة البابون في المناطق الجبلية التي تقع جنوب غربي المملكة ولاسيما الباحة وأبها. إلا أنها بسبب بحثها عن الطعام قامت بمغادرة مناطقها، في اتجاه المزارع والقرى والمناطق السكنية، وبدأت تتكاثر هناك، لتغزو أعداد كبيرة منها هذه المناطق الآهلة بالسكان.
وحسب شهادات الأهالي فإن هذه القردة تتوافد في شكل عصابات ومجموعات مكونة من 10 أو 20 قرداً ,أحياناً تصل إلى 100، وتهجم على المزارع و تخربها وتفسد محاصيلها، ثم تتوجه إلى القرى بعد ذلك، وتقوم هناك بالعبث في حاويات النفايات، وسرقة خزانات المؤن الغذائية وتلويث مياه الشرب، وتتسلل إلى المنازل وتعيث فيها فسادا وتروع ساكنيها.
ولم تكفي "الفزاعات" التي نصبها المزارعون الذين تضررت محاصيلهم، في كل مكان لترويع هذه الحيوانات، التي كانت قد اعتادت على الناس، بفضل ملاعبتهم لها، فأصبحت تتجرأ على الاقتراب منهم وحتى مهاجمتهم، ولا يثنيها عن الاقتراب بالتالي مجرد قطعة قماش.
ويبدو أن هذا الحيوان يدرك جيداً، أن المدارس أيضاً يمكن أن يجد فيها ما يأكله، لذلك كثيراً ما توجهت مجموعات كبيرة من البابون إلى المدارس وهاجمت الطلاب وسرقت الأكل من حقائبهم، مثيرة الخوف والفزع لديهم.
ووثقت العديد من المقاطع المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من حالات الاعتداء التي نفذتها القردة، سواء على الأهالي أو على المارة من الطرق السريعة، والذين هاجمتهم في شكل عصابات قطاع طرق، وسلبت ممتلكات المسافرين أثناء توقفهم أو أثناء تخفيضهم السرعة لتجاوز بعض المطبات، وهاجمتهم وهاجمت مرافقيهم وأسرهم. وذلك بعد أن كانت معتادة في السابق، على الانتظار في الطرقات لتوقف الزائرين والمارة لها وإطعامها وملاعبتها.
تحذيرات وحملات توعوية
تلقت الجهات الرسمية، الكثير من الشكاوى والبلاغات المتتالية، بشأن تنامي هذه الظاهرة التي أصبحت مصدر قلق حقيقي يؤرق سكان هذه المناطق. وأكدت السلطات بأنها ستتخذ الإجراءات اللازمة حيال ظاهرة سطو القرود على المنازل ونحوها.
فيما بيّن مختصون، بأن مكافحة هذه الظاهرة تبدأ بمعرفة أسباب الانتشار والاجتياح في البداية، والتي تعود في الواقع، حسب ما أثبتته دراسات، إلى تدمير بيئات هذه القرود ومصادر غذائها الطبيعي، بسبب التمدد العمراني والزراعي. إضافة إلى وفرة الغذاء من خلال مرامي النفايات، بالقرب من مناطقها الطبيعية، وهو من أهم أسباب زيادة أعدادها.
ومن أسباب انتشارها أيضاً، تغذية الناس لها، ما أسهم بشكل كبير في زيادة هذا التحول في السلوك لدى هذه القرود، وكذلك زيادة عددها في أوقات كان من المفترض أن تقل أعدادها، بخاصة في فترة الجفاف وشح الغذاء، وعليه بدأت بالدخول إلى أطراف المدن والمزارع.
وفي هذا السياق أطلق المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية حملة توعوية لعدم رمي الطعام لقردة البابون أو تربيتها في المنازل وتكييفها للعيش في غير بيئتها الطبيعية.