ويأتي هذا التصريح تزامناً مع تصعيد عسكري إسرائيلي في شمال قطاع غزة، حيث واصل جيش الاحتلال نسف مناطق كاملة في مدينة غزة، وألقى منشورات عبر طائرات مسيّرة تطالب سكان أحياء في المدينة بإخلاء منازلهم والتوجه جنوباً، في إطار خطة معلنة للسيطرة الكاملة على القطاع.
وأوضح مكتب الإعلام الحكومي في غزة أن تهديدات الاجتياح الإسرائيلي لمدينة غزة تنذر بتفاقم الكارثة الإنسانية التي تطال أكثر من 2.4 مليون فلسطيني في القطاع.
ولفت إلى أن الاحتلال، رغم إعلانه السماح بدخول مستلزمات الإيواء، لم يسمح سوى بإدخال نحو 10 آلاف خيمة، وهو ما يمثل 4% فقط من إجمالي الحاجة التي تُقدَّر بـ250 ألف خيمة وكرفان، معتبراً ذلك مؤشراً على مماطلة متعمدة في تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة.
وأكد المكتب عدم وجود أي خيام أو مواد إيواء حالياً عند المعابر بسبب التعقيدات التي يفرضها الاحتلال على عمل المنظمات الدولية، ما يزيد من معاناة مئات الآلاف من النازحين. كما أشار إلى غياب المناطق الآمنة في الجنوب، نظراً إلى سيطرة جيش الاحتلال على ما يقارب 77% من مساحة القطاع، ما يجعل أي عملية نزوح جديدة خطراً على حياة المدنيين.
وفي السياق، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الجمعة، إنه صدّق على خطط الجيش الرامية إلى احتلال غزة بالكامل، متوعداً باستخدام نيران مكثفة وتهجير السكان، ومهدداً بتحويل المدينة إلى ما يشبه مصير رفح وبيت حانون، اللتين تعرضتا لدمار واسع خلال الأشهر الماضية.
خطة إسرائيلية لتوسيع السيطرة واتهامات بتعطيل المساعدات
حمل مكتب الإعلام الحكومي بغزة الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، المسؤولية الكاملة عن ما وصفها بـ"الجريمة المستمرة"، مطالباً بتحرك دولي عاجل وفعّال لوقف خطة احتلال مدينة غزة، والسماح الفوري بإدخال مستلزمات الإيواء دون شروط أو قيود.
وفي 8 أغسطس/آب الجاري، وافقت الحكومة الإسرائيلية على خطة اقترحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاحتلال تدريجي لقطاع غزة، ضمن ما أسمته "المبادئ الخمسة لإنهاء الحرب"، والتي تشمل: نزع سلاح حماس، إعادة الأسرى، السيطرة الأمنية على القطاع، نزع سلاحه بالكامل، وإنشاء إدارة مدنية بديلة لا ترتبط بحماس أو السلطة الفلسطينية.
من جهته، دعا المفوض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني، الأحد، إسرائيل إلى السماح للمنظمات الإنسانية بالعمل بحرية داخل القطاع، محذراً من تفاقم المجاعة، وواصفاً الوضع في غزة بأنه "جحيمٌ بكل أشكاله".
وفي تدوينة عبر منصة "إكس"، انتقد لازاريني نفي إسرائيل وجود مجاعة، واصفاً هذا الإنكار بأنه "أبشع تعبير عن نزع الإنسانية"، مطالباً بفتح المعابر، ووقف إطلاق النار فوراً، والسماح للصحفيين الدوليين بالدخول لتغطية الأوضاع بشكل مستقل. وأكد لازاريني أن التحرك السريع ضروري لوقف المجاعة، قائلاً: "كل ساعة لها قيمتها".
وكان مؤشر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي التابع للأمم المتحدة قد أعلن، الجمعة، تأكيد المجاعة في محافظة غزة شمالي القطاع، متوقعاً أن تمتد المجاعة إلى محافظتي دير البلح وخان يونس بحلول نهاية سبتمبر/أيلول المقبل.
ورغم استناده إلى معطيات وبيانات ميدانية، هاجمت إسرائيل التقرير الأممي، وادّعت أنه مبني على "شهادات هاتفية"، في حين لا تزال تغلق منذ 2 مارس/آذار المعابر المؤدية إلى القطاع، وتمنع دخول المساعدات الإنسانية، ما تسبب في تفشي المجاعة، رغم تكدس مئات شاحنات الإغاثة على الحدود.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلاً وتجويعاً وتدميراً وتهجيراً، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 62 ألفاً و686 شهيداً، و157 ألفاً و951 جريحاً من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 289 فلسطينياً، بينهم 115 طفلاً، حتى الأحد.