على مدار اثني عشر يوماً، خاضت إيران مواجهة مفتوحة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، في اشتباك طال انتظاره وتجاوز في طبيعته وأدواته كل المواجهات السابقة.
اعتمدت طهران على الصواريخ الباليستية ركيزةً هجوميةً رئيسيةً، فيما شكّل سلاح الجو الإسرائيلي الذراع الضاربة الأساسية في العمليات الهجومية، مدعوماً بقدرات استخباراتية وأمنية عالية التنظيم.
المواجهة اتّسعت جغرافياً وزمنياً، واستُخدمت فيها أدوات قتال متنوعة شملت الحرب الإلكترونية، والطائرات المسيّرة، وعمليات التسلل الاستخباري، والقصف الاستراتيجي بعيد المدى، فضلاً عن معارك الدفاع الجوي.
تحوّلت سماء المنطقة -من الضفة الغربية المحتلة، مروراً بالأردن وسوريا والعراق، وصولاً إلى إيران والخليج- إلى مسرح معقّد للغارات الجوية والضربات الصاروخية المتبادَلة.
ورغم توقف النار فإن المؤشرات السياسية والأمنية لا توحي بأن هذا الاشتباك كان حدثاً استثنائياً أو عابراً؛ بل يُرجَّح أن يكون نموذجاً قتالياً مستقبلياً سيتكرر بأشكال مختلفة.
ما جرى خلال هذه المواجهة يُعدّ خلاصة سنوات من التحضير العسكري والسياسي، ويستدعي تفكيكاً معمّقاً لفهم التحوّلات في توازن الردع الإقليمي، وشكل الحرب المقبلة.
ينطلق هذا الملف من الأسئلة العسكرية والتقنية أولاً، دون أن يغفل البُعد الأمني والاستخباراتي، إدراكاً أن هذه الجوانب غالباً ما تُهمَّش في التغطيات العامة، رغم كونها مفتاحاً لفهم الصورة الكاملة للمشهد.
يضم هذا الملف سلسلة من المقالات التحليلية التي ترصد أبعاد المواجهة الإيرانية-الإسرائيلية من زوايا متعددة، وتقدّم قراءة معمّقة لمراحل التصعيد، والأدوات المستخدمة، والانكشافات الاستراتيجية لدى الطرفين.
يُسلّط تقرير بعنوان "ثغرة في سماء المنطقة.. كيف صنع الاحتلال الإسرائيلي ممره الجوي نحو العمق الإيراني؟"، الضوء على المسار الجوي الذي استخدمته إسرائيل لشنّ ضرباتها داخل إيران، مستفيدةً من التغييرات الجيوسياسية التي أعقبت الغزو الأمريكي للعراق وتدمير الدفاعات الجوية السورية، ما أتاح لطائرات الاحتلال الوصول إلى أجواء بعيدة عن مرماها التقليدي.

أما مقال "الهجوم الكبير.. كيف نفّذ الاحتلال الإسرائيلي ضرباته الجوية على إيران؟"، فيناقش تفاصيل العمليات الجوية الإسرائيلية، من حيث طبيعتها وأسلحتها المستخدمة، مع طرح تساؤلات نقدية حول ادعاءات تحقيق سيطرة جوية إسرائيلية على سماء طهران.
وفي مادة "الصواريخ بدلاً من الطائرات.. كيف نفهم أداء إيران الصاروخي؟ "، تُستعرض مراحل تطور البرنامج الصاروخي الإيراني، وتحولاته التقنية والاستراتيجية، وصولاً إلى الدور الذي لعبه في الردّ على الضربات الإسرائيلية خلال المواجهات الأخيرة.
ومن السلاح الهجومي إلى منظومات الدفاع، يقدّم مقال "بين الاعتراض والإغراق.. هل تنهار الدرع الجوية الإسرائيلية تحت الضغط؟"، تحليلًا لبنية الدفاعات الجوية الإسرائيلية، بما يشمل طبقات المنظومات المضادة، وأجهزة الرصد والإنذار المبكر، مع التركيز على التحدي الأبرز الذي تواجهه: "الإغراق الصاروخي" بوصفه تكتيكاً يهدد بإرباك المنظومة وإفشالها.
في السياق الداخلي، تتناول مادة "بين الصمود والارتباك.. ما واقع الجبهة الداخلية الإسرائيلية منذ (السابع من أكتوبر)؟"، واقع الجبهة الداخلية في إسرائيل، وتطوّر بنيتها ومفاهيمها في مواجهة التهديدات، بدءاً من تجربتها مع صواريخ سكود إبان حرب الخليج الأولى، ووصولاً إلى إنشائها بوصفها قيادة مستقلة ضمن الجيش الإسرائيلي، مع تقييم أدائها خلال الحرب الجارية.
ويذهب الملف إلى بُعد آخر من الحرب يتجاوز المجال الفيزيائي التقليدي، ليتناول نطاق الحرب الإلكترونية والسيبرانية. ويُركّز في هذا السياق على ما ورد في تقرير بعنوان: "معركة الأثير.. كيف أصبح نظام التموضع الفضائي ساحة صراع؟"، الذي يتناول الصراع المتزايد حول أنظمة التموضع العالمية، وعلى رأسها نظام "GPS"، وما تتعرض له من عمليات تشويش وتزوير (spoofing)، بوصفها جبهة جديدة في الحروب الحديثة ذات الطابع غير المرئي.
يُختتم هذا الملف بعرض تحليلي لأبرز ما ورد في تقرير "أكاديمية الاستخبارات التركية" حول حرب الأيام الاثني عشر بين إسرائيل وإيران، وهي المواجهة التي شكّلت منعطفاً إقليمياً حاسماً أعاد ترتيب أولويات الأمن القومي في الشرق الأوسط. التقرير، الذي رُفع إلى صُنّاع القرار في أنقرة، تناول مختلف أوجه الصراع، وركّز بشكل خاص على الدروس المستخلصة لتركيا، انطلاقاً من موقعها الجيوسياسي وتحدياتها الأمنية المتزايدة.
